الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء
عطش فقال لصاحب الشراب: ناولني.فناوله قدحا فيه ماء وثلج فأخذه ونظر فيه ثم رده ولم يشرب فجعلت أعجب من صبره على الجوع والعطش وهو فيما هو فيه من الهول.قال صالح: فكنت ألتمس وأحتال أن أوصل إليه طعاما أو رغيفا في تلك الأيام فلم أقدر.وأخبرني رجل حضره: أنه تفقده في الأيام الثلاثة وهم يناظرونه فما لحن في كلمة.قال: وما ظننت أن أحدا يكون في مثل شجاعته وشدة قلبه.قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول:ذهب عقلي مرارا فكان إذا رفع عني الضرب رجعت إلي نفسي وإذا استرخيت وسقطت رفع الضرب أصابني ذلك مرارا.ورأيته-يعني: المعتصم- قاعدا في الشمس بغير مظلة فسمعته- وقد أفقت (1)- يقول لابن أبي دواد: لقد ارتكبت إثما في أمر هذا الرجل.فقال: يا أمير المؤمنين إنه-والله- كافر مشرك قد أشرك من غير وجه.فلا يزال به حتى يصرفه عما يريد.وقد كان أراد تخليتي بلا ضرب فلم يدعه ولا إسحاق بن إبراهيم.قال حنبل: وبلغني أن المعتصم قال لابن أبي دواد بعد ما ضرب أبو عبد الله: كم ضرب؟قال: أربعة أو نيفا وثلاثين سوطا.قال أبو الفضل عبيد الله الزهري: قال المروذي:قلت- وأبو عبد الله بين الهنبازين (2)-: يا أستاذ قال الله-تعالى-: {لا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29].قال: يا مروذي اخرج وانظر.فخرجت إلى رحبة دار__________(1) في " تاريخ الإسلام ": " أوقفت ".(2) في " تاريخ الإسلام ": " الهنبارين " بالراء المهملة.
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 253 - مجلد رقم: 11
|